تقنيات «الجيل الخامس للاتصالات»… آمال عريضة ومنجزات قليلة

img
Advertisements

تقنيات «الجيل الخامس للاتصالات»… آمال عريضة ومنجزات قليلة

 

قلّما يشكّك النّاس في التأثير الإيجابي الهائل لأي تقنية على حياتنا، إلا أنّه من الضروري أيضاً أن نتذكّر أنّه عندما يتعلّق الأمر بالتوجهات التقنية، يكون القليل من التشكيك مبرّراً أحياناً.
لنتحدّث عن تقنية اتصال الجيل الخامس مثلاً. ألم يعدونا بسيّارات آلية بالكامل، وعمليات جراحية روبوتية، ومدن ذكية، وجميع أنواع التطبيقات المستقبلية التي تعمل بأحدث جيل من الشبكات الخلوية؟ ولكنّ الحقيقة ببساطة هي أنّ قطاع الاتصالات روّج لما يبدو اليوم أمثلة مضحكة على ما كان من المفترض أن تقدّمه تقنية الجيل الخامس في أوائل أيّام تطويرها ونشرها.
في ذلك الوقت، كان هدف الخبراء طبعاً أنّ يحمّسونا لقدرة هذه النقلة إلى الجيل التالي من الاتصال اللاسلكي.

لسوء الحظ، كلّ ما فعلته هذه الجهود كان حرف توقّعات النّاس عن التأثير الحقيقي الذي قد تتمتّع به هذه التقنية، ولكنّ هذا لا يعني أنّها كانت مضيعة للوقت.
جيل خامس منزلي
في الواقع، لقد كانت تقنية الجيل الخامس أفضل من ذلك بكثير. ولكنّ المشكلة هي أنّ تأثيرها ظهر في مجالات لم تتوقعها الصناعة، وفي مجالات أخرى غير واضحة للمستخدمين العاديين.
> تقنية اتصال الجيل الخامس في المنزل: حقّق عصر اتصال الجيل الخامس إنجازاً مهماً يسمّى «الوصول اللاسلكي الثابت» fixed wireless access (FWA) أو ما يُعرف بالنطاق العريض اللاسلكي، وهو عبارة عن بديلٍ لاسلكي لخدمة الإنترنت التقليدية التي تعتمد على الكابلات.
في البداية، لم يعطِ النّاس الكثير من الاهتمام لهذا الإنجاز لأنّ تقنية الجيل الخامس رُبطت بالهواتف الذكية وغيرها من الأجهزة المحمولة. علاوة على ذلك، لم يُرَ هذا التطبيق على أنّه مثير للحماس أو اختراق تقني لأنّه ببساطة بديلٌ لتقنية موجودة في الأصل.
ولكنّ «الوصول اللاسلكي الثابت» يسارع إلى تسجيل حضور قوي في جميع أنحاء الولايات المتحدة لأنّه أسهل وأبسط، وفي حالات كثيرة، أسرع طريقة لوصل منزلكم بالإنترنت. فبدل الاضطرار إلى إحداث ثقوب في المنزل لتمديد الأسلاك، يمكنكم ببساطة وضع موجّه إشارة لاسلكي بالقرب من النافذة في المنزل وإعداده بأنفسكم بواسطة تطبيق هاتفي (إذا افترضنا أنّ الخدمة متوفرة في مكان سكنكم).
في أميركا تملك شركة «تي موبايل» ما يقارب 2.6 مليون مشترك في خدمة النطاق العريض – الجيل الخامس، بينما تملك «فرايزون» نحو 1.5 مليون منزلٍ وشركة تستخدم نطاقها العريض اللاسلكي. وكانت شركة «آي تي أند تي». قد أعلنت رسمياً أخيراً أنّها ستدخل مجال الاتصال اللاسلكي الثابت أيضاً.
ولكن يجب أن نكون واضحين، لأنه توجد خيارات اتصال أسرع بإنترنت المنزل – لا سيّما الخدمات التي تعتمد على الألياف البصرية – إلا أنّ الاتصال اللاسلكي الثابت في تقنية الجيل الخامس أكثر من كافٍ بالنسبة لكثيرين، فضلاً عن أنّه قادر غالباً على الوصول إلى مواقع نائية لا تصل إليها الخدمات الأخرى بسهولة.
كومبيوترات واتصالات
> أجهزة الكومبيوتر الشخصية وتقنية الجيل الخامس: تقدّم تقنية اتصال الجيل الخامس فرصة أخرى لا تزال في بداياتها لأجهزة الكومبيوتر الشخصية المجهّزة بهذه التقنية. الآن، وبعد عودة الجميع إلى السفر من جديد، ومع استمرار الاجتماعات عبر «زوم»، وغيره من التطبيقات، بتنا نحتاج إلى الكومبيوتر الشخصي أو اللابتوب في كلّ مكان.
لسوء الحظّ، لا يزال السعر والوفرة يشكّلان تحدياً بالنسبة للمستهلكين، ولكنّنا نأمل أن نرى تحسّناً في هذا المجال خلال هذا العام.
ركّز الترويج لقدرات تقنية الجيل الخامس أيضاً على الدور المحوري الذي ستلعبه في كلّ ما يتعلّق بالأجهزة المتصلة وأجهزة الاستشعار. فقد ارتكزت الفكرة على إطلاق السرعات المعزّزة التي تتميّز بها تقنية الجيل الخامس والنطاق العريض، العنان لسيلٍ من الأجهزة المتصلة خلوياً من إكسسوارات الرأس المدعومة بالواقعين المعزز والافتراضي إلى السيّارات والأجهزة المنزلية.
بدأ بعض هذه الجهود في التبلور على أرض الواقع، ولكنّ معظمها يظهر في تطبيقات تخصصية في قطاعات عمودية محدّدة كالصناعة، والعناية الصحية، والزراعة، حتّى إن تأثير هذه المشروعات بدأ في الظهور ولكن بشكلٍ يصعب على النّاس العاديين ملاحظته.
> الجيل الخامس في قطاع الأعمال: لقد بدأنا أيضاً نلحظ المزيد من تطبيقات الجيل الخامس في مجال الأعمال، حيث تعكف بعض الشركات على اعتماد ما يُعرف بشبكات «الجيل الخامس الخاصة» (private 5G) المتاحة للموظفين وآلات العمل فقط.
وفي حالات كثيرة، تُستخدم هذه الشبكات لتكملة أو تعزيز شبكات واي – فاي القائمة لأنّها توفّر الأمن الضروري وفوائد على صعيد الأداء.
المضحك في الأمر أنّنا شهدنا التأثير الأقلّ لتقنية الجيل الخامس في مجال الهواتف الذكية، صاحبة الحصة الكبرى من التوقعات. على سبيل المثال، وكما لاحظ كثيرون، لم تشهد سرعات التحميل في حالات كثيرة فرقاً عمّا كانت عليه مع اتصال الجيل الرابع.
ولكن حتّى هنا، من الضروري أن نلفت إلى أنّ متوسط سرعات التحميل تحسّن (في بعض الأماكن)، وقد أصبح من المستحيل أن نجد هاتفاً غير مجهّز بتقنية الجيل الخامس.
بمعنى آخر، التأثير حقيقي ولكنّه أقلّ سطوعاً مما توقعنا.
> مستقبل تقنية الجيل الخامس: قد لا نرى تطبيقات خارقة لتقنية اتصال الجيل الخامس في المدى القريب، ولكنّ الأمل موجود. فقد بدأت تقنيات عدّة مهمّة مرتبطة بالجيل الخامس.
كما يُعرف بالتشريح الشبكي، تأخذ مكانها بين مزوّدي الخدمة في الولايات المتحدة. ومن المتوقّع أن تؤسس هذه التحسينات التي تعتمد على الشبكة لأنواعٍ جديدة من خدمات الجيل الخامس في مجال الأعمال والاستهلاك.
علاوة على ذلك، لقد بدأنا نلحظ استخداماً أوسع للتردّدات الجديدة للشبكات الخلوية – وتحديداً ما يُعرف بنطاق «سي» أو النطاق النصفي – الذي من المفترض أن يزيد سرعات تحميل تقنية الجيل الخامس.
قد لا تكون هذه المعلومات محمّسة كقدرات الخيال العلمي التي روّج لها الخبراء، ولكنّها توفّر مكاسب حقيقية يمكننا جميعاً الاستفادة منها.

المصدر – صحيفة الشرق الأوسط

الكاتب vedeng editor

vedeng editor

مواضيع متعلقة

اترك رداً

error: شارك الخبر لديك , حقوق النشر محفوظة لوكالة فدنك الخبرية