روسيا سحبت أنظمة صواريخ وقوات عسكرية من سوريا لدعم عملياتها في أوكرانيا

نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” (New York Times) عن مسؤولين بارزين مقيمين في الشرق الأوسط قولهم إن روسيا سحبت قوات ومعدات عسكرية حساسة من سوريا في الآونة الأخيرة، لتعزيز عملياتها العسكرية في أوكرانيا.
وأكد مسؤولان للصحيفة أن عدد القوات الروسية التي سحبت من سوريا يتراوح بين 1200 و1600 عسكري، في حين أكد ثالث أن العدد أكبر من ذلك بكثير.
ومن بين المعدات العسكرية التي سحبتها موسكو نظام للدفاع الجويs-300.
وقالت المصادر إن إعادة انتشار القوات والمعدات الروسية من سوريا يزيح إحدى العقبات أمام الدعم الإسرائيلي لأوكرانيا.
وأضافت أن هذه الخطوة الروسية دليل على تراجع نفوذ موسكو خارجيا بسبب الحرب على أوكرانيا.
كما نقلت نيويورك تايمز عن مسؤول إسرائيلي أن عددا من القادة العسكريين الروس في سوريا نقلوا إلى أوكرانيا.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية تعيين قائد جديد لما تسميه عمليتها العسكرية الخاصة في أوكرانيا.
وقالت الوزارة إن وزير الدفاع سيرغي شويغو وافق على تعيين الجنرال سيرغي سوروفكين قائدا لـ”تجمع القوات المشتركة” الروسية في أوكرانيا.
في يونيو/ حزيران، عُين سوروفكين مسؤولاً عن القوات الروسية في جنوب أوكرانيا. وسبق له أن خدم في طاجيكستان والشيشان وسوريا.
في عام 2017، منح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، سوروفكين ميدالية على عمله في سوريا في حفل أقيم في موسكو في ديسمبر/ كانون الأول 2017.
ومنذ 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2017، كان قائدًا للقوات الجوية الفضائية الروسية، حسبما أورد موقع وزارة الدفاع الروسية.
وجاء القرار بعد أسابيع من الهجمات المضادة الناجحة من قبل أوكرانيا، تمكنت خلالها من طرد القوات الروسية من مناطق كانت موسكو قد أعلنت أنها روسية “إلى الأبد”.
ومنذ تعيين هذا الجنرال في هذا المنصب قبل أيام قليلة تتعرض عشرات المدن والبلدات الأوكرانية لحملة قصف عنيفة بالصواريخ والمسيرات مما يعيد إلى الذاكرة ما قامت بها القوات الروسية في سوريا من عمليات قصف شاملة على المناطق التي كانت تسيطر عليها المعارضة شملت المخابز والمرافق الصحية والمدارس حسب تقرير لمنظمة هيومان رايتس ووتش لعام 2016.
يلقبه البعض –ومنهم الجنرال الأمريكي ديفيد بيترواس القائد السابق لوكالة الاستخبارات المركزية سي آي إيه- بـ”جزار سوريا” لدوره الكبير في الحملة العسكرية الروسية بسوريا. أما الآن، فيتولى الرجل قيادة الحرب الروسية على أوكرانيا.
كلف هذا الجنرال منذ 10 نيسان/ أبريل بالإشراف على العمليات العسكرية في أوكرانيا، وهو يحظى باحترام كبير من الرئيس فلاديمير بوتين ويثير بالمقابل الرعب في قلوب أعدائه.
رجل المهام الصعبة
بتعيين دفورنيكوف في المنصب، أصبحت القوات الروسية تحت قيادة موحدة للمرة الأولى منذ بداية الحرب في أوكرانيا بتاريخ 24 شباط/ فبراير، حسب صحيفة واشنطن بوست. ويذكر معهد دراسات الحرب الأمريكي المتخصص في التحليلات العسكرية أن قيادة القوات الروسية كان يتولاها جنرال لكل جبهة (في الشمال والجنوب والشرق).
ويرى خبراء المعهد أن إعادة تنظيم القوات ستتيح “حل مشاكل التواصل بينها والتي مثلت إحدى نقاط ضعف العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا”.
ويرى مراقبون أن تعيين دفورنيكوف يأتي في سياق تغيير موسكو لأهدافها الجغرافية حيث تركز القوات الروسية جهودها في الوقت الراهن على “تأمين” منطقتي دونيتسك ولوغانسك في إقليم دونباس والتي اعترفت موسكو بـاستقلالهما عن أوكرانيا قبل بداية الحرب بثلاثة أيام.
ويعتبر مارك غاليوتي المختص في الشؤون العسكرية الروسية أن ألكسندر دفورنيكوف خبير بالمنطقة كما أن هذا الجنرال البالغ 60 عاما قد اشتهر بأنه رجل المهام الصعبة وشخصية “من الوزن الثقيل في الجيش”.
وقد كسب دفورنيكوف هذه السمعة خصوصا خلال مشاركة روسيا في الحرب السورية. قبل ذلك، كان لدفورنيكوف مسيرة عسكرية عادية بدون مشاركة في عمليات واسعة. حيث تقول صحيفة الغارديان أنه خالط “أحسن المدراس الحربية الجيدة وتولى مهام عسكرية في فرق المشاة وجيش الجو”.
تغير كل شيء في سنة 2015 عندما أصبح دفورنيكوف القائد الأول للقوات الروسية في سوريا. وكان نظام بشار الأسد، أحد أهم حلفاء بوتين في المنطقة، يعاني في تلك الفترة من ضربات المعارضة وجهاديي تنظيم “الدولة الإسلامية”.
وكان دفورنيكوف في ذلك الوقت المسؤول عن إعداد وتنفيذ استراتيجية القصف المكثف على عدة مدن سوريا. وتم تبرير القصف الواسع حينها بأنه يستهدف مقاتلي التنظيم لكنه ساهم أيضا في إضعاف القوات المناوئة لبشار الأسد.
هل يلجأ دفورنيكوف إلى استراتيجية القصف المكثف من جديد؟
يرى مارك غاليوتي أن هذه الاستراتيجية (القصف المكثف)، التي تطلبت بناء قاعدة جوية في حميميم غرب سوريا، جعلت موسكو على يقين بأن “ألكسندر دفورنيكوف قادر على التكيف مع الأوضاع الجديدة”.
ولا يولي دفورنيكوف اهتماما كبيرا بمصير المدنيين حيث لم تتردد القوات الجوية الروسية تحت إمرته في قصف المباني المدنية مثل المستشفيات والمدارس ما ساهم في خلق جو من الرعب في المدن السورية المستهدفة. وتعتبر صحيفة الغارديان أن هذه الغارات الجوية بلا رحمة منحته سمعة عسكري لا يرى أمامه أي حاجز للوصول إلى غايته. ومنذ ذلك الحين لقب بـ “جزار سوريا”.
ويبدو أن استهداف المدنيين لم يكن مصدر قلق بوتين لا بل استدعى جنراله من سوريا في آذار/ مارس 2016 وكلفه بقيادة الجيش الروسي في الإقليم الجنوبي الذي يعتبر الأهم في البلاد حيث يتولى إدارة مناطق شبه جزيرة القرم والشيشان وأوكرانيا. كما منحه وسام الأبطال الشرفي في روسيا.
ويرى الأميرال الأمريكي المتقاعد جيمس ستافريدز في تصريح لقناة “إن بي سي” أن تعيين دفورنيكوف على رأس القوات الروسية في أوكرانيا قد يكون سببا في وقوع انتهاكات أخرى بحق المدنيين مرجحا أنه سيعتمد نفس الطريقة التي انتهجها في سوريا وهي استخدام كل الوسائل المتاحة لتجاوز وضعية عسكرية معقدة.
ويسعى الكرملين إلى تحقيق نتائج ميدانية في وقت سريع خاصة وأن بوتين يرغب في إعلان النصر بأوكرانيا قبل 9 أيار/مايو المقبل تاريخ العرض العسكري الكبير بموسكو لإحياء ذكرى نهاية الحرب العالمية الثانية.
اترك رد