التعليم كأداة لسياسة تتريك المناطق المحتلة

img
Advertisements

تقوم تركيا بتعزيز نفوذها في أجزاء من شمال وشمال غربي سوريا منذ بضع سنوات، وهو أمر يُنظر إليه من قبل البعض على أنها محاولة منها إلى تتريكها تمهيداً لضمها نهائيا في المستقبل.

 

وتسيطر حالياً تركيا على الأراضي الواقعة غربي نهر الفرات، المحاذية لحدودها الجنوبية الشرقية، ابتداء من بلدة جرابلس في الشرق وانتهاء بعفرين ذات الغالبية الكردية في شمال غربي البلاد.

 

لا يقتصر الوجود التركي في المناطق الشمالية في سوريا على الجانب العسكري فقط، بل تعمل السلطات التركية بالتعاون مع الفصائل السورية المعارضة الموالية لها على نشر الثقافة واللغة التركية إلى جانب احتكار المشاريع الاقتصادية الرئيسية في المنطقة.

وبالتركيز على استخدام التعليم واستغلاله كأداة لتكريس اللغة والثقافة التركية المفروضة على سكان المناطق المحتلة.

حيث يتم الاشارة الى فتح الحكومة التركية لمعاهد وجامعات اسلامية لنشر الثقافة الدينية التي تخدم الافكار والسياسة التركية , سواءً بنشر وفرض الثقافة الاسلامية العثمانية التركية  او الثقافة الدينية المتطرفة لتجنيد الازمة والوضع السوري والسوريين وغيرهم من غير السوريين من السذج لخدمة اجنداتها في المنطقة وفي خدمة سياساتها محلياً واقليمياً ودولياً.

 

في أغسطس/آب 2016، أطلقت تركيا عملية عسكرية سمتها “درع الفرات” بالاشتراك مع جماعات سورية مسلحة في المناطق التي كانت وقتها خاضعة لسيطرة “تنظيم الدولة الإسلامية”.

 

وفي بداية عام 2017، استولت القوات التركية وحلفاؤها على جزء من الشريط الحدودي بين البلدين، الممتد بين جرابلس في الشرق واعزاز من الغرب ومنطقة الباب إلى الجنوب.

 

كان هدف تركيا العلني وقتها، محاربة ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية، أما هدفها الاستراتيجي الأهم، فكان منع القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة من التوسع في المناطق الواقعة غربي نهر الفرات.

 

وفي يناير/كانون الثاني 2018، أطلقت تركيا وجماعات مسلحة موالية لها عملية عسكرية جديدة في المنطقة، وكانت هذه المرة تهدف إلى السيطرة على منطقة عفرين الكردية، التي كانت تحت حماية المقاتلين الأكراد منذ بداية الأزمة السورية.

 

ومنذ ذلك الحين، تحدثت عدة منظمات حقوقية عالمية ووسائل إعلام عن تردّي الحالة الاقتصادية والأمنية والإنسانية في هذا الجزء من سوريا.

 

استمرت الحملة العسكرية ضد عفرين نحو شهرين، وانتهت بسيطرة الجيش التركي والفصائل السورية الموالية له على المنطقة. نزح إثرها ما يزيد عن 130 ألف مواطن كردي من عفرين والقرى المحيطة بها، وتمركزوا في مخيمات في مناطق الشهباء في ريف حلب على بعد عشرات الكيلومترات فقط من منازلهم.

 

وحلّ مكانهم في عفرين نازحو دوما والغوطة الشرقية وحمص وحماه وغيرها من سكان المناطق التي استعادتها الحكومة من الفصائل المعارضة الموالية لتركيا.

 

شهادات من سكان المنطقة

وقالت لجنة حقوق الإنسان المستقلة التابعة للأمم المتحدة في تقرير أصدرته في الـ 31 من يناير/كانون الثاني 2019، إن أكثر من 50 جماعة مسلحة منتشرة في شمال سوريا، ويعاني سكان تلك المناطق وخاصة عفرين التي كانت ذات غالبية كردية قبل سيطرة تركيا عليها من أعمال النهب المستمرة من قبل من يُفترض بهم أن يكونوا في خدمة وحماية المواطنين، كما أن غياب القانون والانضباط وتكرار حالات الاختطاف والتعذيب وانتشار العصابات، حوّل حياة الناس إلى جحيم لا يطاق.

ويقول المواطنون إنهم اشتكوا كثيرا عند الشرطة المحلية والسلطات التركية، لكن دون جدوى.

 

وذكر التقرير أن معظم المعتقلين والمخطوفين هم من الأكراد وخصوصا النشطاء الذين ينتقدون ما تقوم به تلك الجماعات من أعمال سلب وخرق للقوانين.

 

وتلقى المجلس تقارير عن المضايقات التي يتعرض لها المدنيون من قبل الجماعات المسلحة ومطالبتهم بالرشاوي لتسيير أبسط أمورهم اليومية وخاصة عند نقاط التفتيش المنتشرة في المنطقة.

القرارات من المركز

لاحظ بعض السكان استمرار وجود القوات العسكرية التركية في عفرين واعزاز واستخدام المدارس لأغراض عسكرية في عفرين على الرغم من ادعائها انسحابها منها بحسب ما جاء في تقرير مجلس حقوق الانسان .

 

وقال سكان المنطقة إنهم يواجهو المصاعب في التنقل ضمن عفرين والمناطق المجاورة لها، ما لم يمتلكوا أوراقاً ثبوتية صادرة عن السلطات التركية.

 

وأشاروا إلى أن القضاة والمحامين السوريين لا يُعيّنون إلا بالتنسيق مع وزارة العدل التركية، وأن ضباط الشرطة المدنية وغيرهم من العسكريين يتم تدريبهم من قبل السلطات التركية.

 

ووصف الأشخاص الذين أجريت معهم مقابلات، الهياكل الإدارية والتنفيذية، بأنها غير فعالة على الإطلاق وغير قادرة على معالجة الانتهاكات التي تمارسها عشرات الجماعات المسلحة.

 

وترى اللجنة أن هناك أسباباً كافية تؤكد بأن عناصر الجماعات المسلحة في عفرين ارتكبت جرائم حرب، مثل اختطاف الناس والمعاملة القاسية والتعذيب والنهب ومضايقة النساء.

 

هوية تركية

تشرف تركيا بشكل مباشر على المجالس المحلية التي تدير المناطق الواقعة بين جرابلس والباب وعفرين. تتبع هذه المجالس لما يسمى بـ “الحكومة السورية المؤقتة” التي تتخذ من تركيا مقرًا لها، وتستلم رواتب موظفيها من الحكومة التركية.

 

وقال مسؤول من الجماعات المعارضة الموالية لتركيا في مارس/آذار الماضي بأن مجلس عفرين يتبع إدارياً لمقاطعة أنطاكيا (هاتاي) التركية المجاورة.

 

وجاء في تقرير لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في يونيو/حزيران 2018 بأن حاكم هاتاي قد عيّن أثنين من المسؤولين الأتراك للإشراف على الحكم في منطقة عفرين.

 

وفي منطقة الباب، تقدم السكان بطلب الحصول على بطاقات هوية جديدة صادرة عن السلطات التركية. وفي حال نجاح هذا المشروع، سيُطبق في المناطق الأخرى الخاضعة لسيطرتها.

 

 

شؤون اقتصادية وأمنية

إقتصادياً، لا يُسمح للمنظمات غير المسجلة في تركيا بالعمل في عفرين أومناطق أخرى خاضعة لسيطرتها. وفتحت تركيا مركزين للخدمة البريدية التركية في كل من بلدتي جرابلس والباب، ومن المتوقع افتتاح مركز ثالث في عفرين قريباً.

 

وتلعب هذه المراكز دور البنوك، وهي المراكز الرسمية الوحيدة التي تسجل الأموال الداخلة والخارجة من تلك المناطق.

 

وأرسل محافظ غازي عنتاب التركية ممثلين عنه لافتتاح مدينة صناعية واقعة بين الباب وحلب ويربطها بتركيا طريق انشأ لهذا الغرض، لتسهيل عمليات الاستيراد والتصدير بين تلك المناطق وتركيا.

 

 

التعليم والثقافة

افتتحت تركيا في أواخر عام 2018 فرعاً لجامعة “حران” في الباب وتدرس فيها اختصاصات الهندسة الكهربائية والزراعة والبناء باللغات العربية والتركية والإنجليزية.

 

أما في عفرين، فتم افتتاح مدرسة ثانوية إسلامية تركية شبيهة بمدارس “إمام خطيب” التركية إلى جانب مدارس أخرى جميعها ممولة من تركيا.

 

ويتهم الناشطون تركيا باتباعها سياسة التتريك في عفرين على وجه الخصوص، عبر إزالة أي رمز كردي في المدينة وتغيير أسماء الشوارع والساحات الرئيسية وتجريدها من أي إشارة إلى هويتها الكردية، وانتشار الأعلام التركية وصور أردوغان في الدوائر الرسمية والمدارس والأماكن العامة.

 

وتدعي السلطات التركية أن لديها صلة وثيقة بالشمال السوري تاريخياً، وأن أجزاءً من بلدة الباب تعود أصلاً إلى عائلة السلطان عبد الحميد الثاني بحسب مصادر سورية معارضة.

 

كما تخطط تركيا لتجديد وتحويل منزل في عفرين إلى متحف بحجة أن مؤسس الجمهورية التركية كمال أتاتورك استخدمه خلال الحرب العالمية الأولى.

 

وقال حاكم أنطاكيا التركية مؤخراً بأن هناك قاعدة استخدمها أتاتورك خلال الحرب العالمية الأولى في منطقة راجو التابعة لعفرين، وإنهم سيعملون في المستقبل القريب على ترميمها وتحويلها إلى متحف تاريخي وفقا لما أوردته وكالة أناضول الرسمية.

 

 

“مشردون في أوطانهم”

ﺗﺳﺑﺑت الحملة العسكرية التركية على عفرين وممارسات الجماعات السورية اﻟﻣﺳﻟﺣﺔ لاحقاً بنزوح ما يزيد عن 130 ألف مواطن من أبناء عفرين إلى اﻟﻣﻧﺎطق اﻟﺗﻲ ﺗﺧﺿﻊ ﻟﻟﺣﮐوﻣﺔ السورية أو تلك التي تقع ﺗﺣت ﺳﯾطرة قوات سوريا الديمقراطية شمال شرقي البلاد.

 

ولدى عودة بعض النازحين بعد رحلة محفوفة بالمخاطر إلى منازلهم في عفرين، لم يجدوا سوى منازل خاوية، وفي حالات أخرى، وجدوا منازلهم مسكونة من قبل أفراد الجماعات المسلحة وأسرهم.

 

لمتابعة أهم الأخبار السورية 👇

وكالة صدى الواقع السوريvedeng

 

الكاتب ماهر ماملي

ماهر ماملي

مواضيع متعلقة

اترك رداً

error: شارك الخبر لديك , حقوق النشر محفوظة لوكالة فدنك الخبرية