قلق بين سكان دمشق من تفاقم “جرائم السرقة”

img
Advertisements

“غالبيتها بسبب الجوع والفقر”

سرعان ما انقلبت حالة الفرح التي ظهرت على وجه (أ. ب) لتمكنه من الحصول على حصته من الخبز المدعوم وسط الازدحام الكبير على الفرن، إلى حالة من الاستياء والحزن بعد أن اكتشف أنه قد تم نشل مبلغ 60 ألف ليرة سورية منه. الرجل الذي توحي ملامح وجهه ومظهره الخارجي بأن عمره ما بين 50 و60 عاماً، ومن معدومي الحال، أطلق وبصوت عالٍ عبارات متتالية تدل على حالة الفقر الشديد الذي يعاني منه، وحاجته الماسة للمبلغ قائلاً: «الله ينتقم من أولاد الحرام، كسروا خاطري وخاطر الأولاد». وبلهجة حزن بالغة، أكد الرجل الذي يقطن في غرب دمشق وكان يعمل موظفاً في إحدى الدوائر الحكومية قبل أن يتقاعد مؤخراً عن العمل، أنه لم يبق معه «ولا ليرة» يصرفها على عائلته ريثما يقبض مرتبه التقاعدي الجديد.

 كثير من الواقفين في الطابور أمام الفرن، أثر فيهم ما حصل مع (أ. ب)، وردد بعضهم عبارات تؤكد ازدياد عمليات نشل الأموال والموبايلات أمام الأفران أثناء التدافع للحصول على الخبز، بينما بادر آخرون لجمع مبلغ مالي من الحاضرين، كل حسب استطاعته، لتعويض الرجل الذي أخذه على استحياء ودعا «أولاد الحلال بأن يعوض الله عليهم القرش بعشرة».

وباتت غالبية المواطنين في مناطق سيطرة الحكومة السورية تعيش أوضاعاً معيشية هي الأسوأ في تاريخ سوريا، بسبب الانهيار القياسي التاريخي لسعر صرف الليرة السورية أمام الدولار الأميركي، حيث يسجل حالياً نحو 6300 ليرة، بعدما كان يتراوح بين 45 و50 ليرة قبل عام 2011، وكذلك الارتفاع الجنوني المستمر للأسعار، خصوصاً المواد الغذائية، مع تواصل فقدان مداخيل العائلات الشهرية لجزء كبير من قيمتها، حيث لا يتعدى متوسط الراتب الشهري لموظفي القطاع العام 20 دولاراً، ولموظفي القطاع الخاص 50 دولاراً، بعدما كان راتب الموظف الحكومي قبل سنوات الحرب يعادل نحو 600 دولار.

«الشرق الأوسط» وبشكل شبه يومي ترصد مرافقة الكثير من الآباء لأبنائهم وبناتهم في الصباح الباكر إلى مواقف الحافلات أو المدارس، خوفاً من أن يتعرضوا لعمليات سرقة وهم في الطريق أو «تشليح».

 وقال لـ«الشرق الأوسط» رب أسرة، أثناء مرافقته لابنته إلى موقف الحافلات للذهاب إلى مكان عملها: «كل يوم نسمع عن حدوث سرقات.

 كل يوم تزداد السرقات، اللصوص صاروا يخطفون الموبايل من يد الولد وهو في الطريق ويهربون.

 صاروا يخطفون الحقيبة من يد البت ويهربون».

وأضاف: «الوضع مقلق، الناس باتوا لا يأمنون على أولادهم وبناتهم الذهاب وحدهم في العتمة صباحاً إلى المدارس وأماكن العمل، ولا يأمنون أيضاً على أولادهم وبناتهم الخروج من المنزل بعد غياب الشمس، لكثرة ما يسمعون عن قيام أشخاص أو مجموعات بعمليات تشليح بقوة السلاح».

حتى في ساعات النهار بات كثير من المواطنين يتخذون أشد درجات الحيطة من أن تتم سرقتهم أثناء وجودهم في الطرقات.

 وقالت (س. م) الفتاة الجامعية لـ«الشرق الأوسط»، إنها ومع تزايد عمليات السرقة أصبحت لا تستخدم الحقيبة النسائية خصوصاً عندما تخرج إلى الأسواق، وتقوم بوضع نقودها وهاتفها في جيوب بنطالها الأمامية، وأضافت: «في وضح النهار يأتون على درجات نارية ويخطفون الحقائب من أيدي الفتيات ويهربون، يخطفون الموبايلات من أيدي الناس».

وفي مؤشرات أخرى على ازدياد جرائم السرقة، يتحدث وبشكل مستمر مواطنون من مناطق شمال دمشق عن انتشار سرقة البنزين من السيارات وبعض معداتها الخارجية مثل ماسحات الزجاج والمرايا الجانبية وكذلك الكابلات النحاسية الناقلة للتيار الكهربائي من أمام المنازل ومضخات سحب المياه من مداخل الأبنية.

 وقال أحدهم لـ«الشرق الأوسط»، إن السرقات التي تحدث ليست بالضرورة أن من يقوم بها من ممتهني السرقة وهدفه الثراء، فهناك اليوم «من يسرق من أجل أن يأكل، فالناس يجوعون وأصبحوا يتسولون ويستجدون رغيف الخبز».

ويكاد لا يمر يوم إلا وتعلن فيه وزارة الداخلية التابعة للحكومة السورية عن حدوث جرائم متنوعة منها قتل وسرقة ونشل وتعاطي مخدرات وترويجها.

 ونقلت وسائل إعلام محلية عن رئيس محكمة بداية الجــزاء السابعة في دمشق بداية ديسمبر (كانون الأول) الجاري، «ازدياداً بحالات النــشل في دمشق، ويومياً تردنا 15 حالة نــشل موبايلات، وأكثرها تحدث في شارع الثــورة».

 وذكرت إدارة الأمن الجنائي في دمشق في إحصائيات لها نهاية عام 2021، أنه تم تسجيل 7500 جريمة منذ مطلع العام وحتى أواخر ديسمبر من العام نفسه، فيما أشار حسين جمعة، رئيس قسم الإحصاء في الإدارة، إلى أنه ومنذ بداية عام 2021 وحتى أواخر شهر أغسطس (آب) من نفس العام، تم تسجيل 366 جريمة قتل و3663 حالة سرقة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية.

واحتلت سوريا المرتبة العاشرة عالمياً في معدل الجريمة منذ مطلع العام الماضي، وفق موقع «نامبيو» المتخصص في مؤشرات الجريمة حول العالم، في حين كانت تحتل المرتبة 12 على مستوى العالم عام 2020، والمرتبة 11 في عام 2021، وحلت في المرتبة الثانية في آسيا بمعدل الجريمة بعد أفغانستان، وفي المرتبة الأولى في منطقة غرب آسيا.

 

لمتابعة أهم الأخبار السورية 👇

وكالة صدى الواقع السوريvedeng

الكاتب ماهر ماملي

ماهر ماملي

مواضيع متعلقة

اترك رداً

error: شارك الخبر لديك , حقوق النشر محفوظة لوكالة فدنك الخبرية